کد مطلب:58561 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:129

ومن الأخبار الصریحة الدالة علی إمامته











ما رواه محمد بن یعقوب الكلینی، عن علیّ بن إبراهیم بن هاشم، عن أبیه، عن جماعة من رجاله، عن یونس بن یعقوب قال: كنت عند أبی عبدالله علیه السلام فورد علیه رجل من أهل الشام فقال: إنّی رجلٌ صاحب كلام وفقه وفرائض، وقد جئت لمناظرة أصحابك.

فقال له أبو عبدالله علیه السلام: «كلامك هذا من كلام رسول الله

[صفحه 496]

صلی الله علیه وآله وسلم أو من عندك؟»

فقال: من كلام رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بعضه ومن عندی بعضه.

فقال له أبو عبدالله: «فأنت شریك رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم؟»

قال: لا.

قال: «فسمعت الوحی عن الله عز وجل یخبرك؟»

قال: لا.

قال: «فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم؟»

قال: لا.

فالتفت أبو عبدالله علیه السلام إلیّ فقال: «یا یونس بن یعقوب، هذا قد خصم نفسه قبل أن یتكلّم» ثمّ قال: «یا یونس، لو كنت تحسن الكلام كلّمته».

قال یونس: فیا لها من حسرة، فقلت: جعلت فداك، سمعتك تنهی عن الكلام وتقول: ویل لأصحاب الكلام، یقولون: هذا ینقاد وهذا لا ینقاد، وهذا ینساق وهذا لا ینساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله؟

فقال أبو عبدالله علیه السلام: «إنّما قلت: ویل لقوم تركوا قولی وذهبوا إلی ما یریدون».

ثمّ قال: «اُخرج إلی الباب فانظر من تری من المتكلّمین فادخله».

قال: فخرجت فوجدت حمران بن أعین ـ وكان یحسن الكلام ـ ومحمد بن النعمان الأحول ـ وكان متكلّماً ـ وهشام بن سالم وقیس الماصرـ وكانا متكلّمین ـ فأدخلتهم علیه، فلمّا استقرّ بنا المجلس ـ وكنّا فی خیمة

[صفحه 497]

لأبی عبدالله علی طرف جبل فی طرف الحرم وذلك قبل الحجّ بأیّام ـ أخرج أبو عبدالله رأسه من الخیمة فإذا هو ببعیر یخبّ[1] فقال: «هشام وربّ الكعبة».

قال: فظنّنا أنّ هشاماً رجلٌ من ولد عقیل كان شدید المحبّة لأبی عبدالله علیه السلام، فإذا هو هشام بن الحكم قد ورد ـ وهو أوّل ما اختطّت لحیته ولیس فینا إلاّ من هو أكبر سنّاً منه ـ فوسّع له أبو عبدالله علیه السلام وقال: «هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ویده» ثمّ قال لحمران: «كلّم الرجل» ـ یعنی الشامی ـ فكلّمه حمران فظهر علیه.

ثمّ قال: «یا طاقی، كلمه» فكلمه فظهرعلیه محمد بن النعمان.

ثمّ قال: «یا هشام بن سالم كلّمه» فتعارفا.

ثمّ قال لقیس الماصر: لأكلّمه» فكلّمه.

وأقبل أبو عبدالله علیه السلام یتبسّم من كلامهما وقد استخذل الشامی فی یده، ثمّ قال للشامی: «كلّم هذا الغلام» یعنی هشام بن الحكم.

فقال: نعم.

ثمّ قال الشامی لهشام: یا غلام، سلنی فی إمامة هذا ـ یعنی أبا عبدالله علیه السلام ـ فغضب هشام حتّی ارتعد، ثم قال له: خبرنی یا هذا أربّك أنظر لخلقه أم هم لأنفسهم؟

قال: بل ربّی أنظر لخلقه.

قال: ففعل بنظره لهم فی دینهم ماذا؟

قال الشامی: كلّفهم وأقام لهم حجّة ودلیلاً علی ما كلّفهم، وأزاح فی ذلك عللهم.

[صفحه 498]

فقال له هشام: فما هذا الدلیل الذی نصبه لهم؟

قال الشامی: هو رسول الله صلّی اللهّ علیه وآله وسلّم.

فقال له هشام: فبعد رسول الله صلّی الله علیه واله وسلّم من؟

قال: الكتاب والسنّة.

قال له هشام: فهل ینفعنا الیوم الكتاب والسنّة فیما اختلفنا فیه حتّی یرفع عنّا الاختلاف ویمكّنا من الاتّفاق؟

قال الشامی: نعم.

قال له هشام: فلم اختلفنا نحن وأنت وجئتنا من الشام تخالفنا وتزعم أنّ الرأی طریق الدین، وأنت مقر بأنّ الرأی لا یجمع علی القول الواحد المختلفین؟

فسكت الشامی كالمفكر، فقال له أبو عبدالله علیه السلام: «ما لك لاتتكلّم؟»

قال: إن قلت: إنّا ما اختلفنا كابرت، وإن قلت: إن الكتاب والسنّة یرفعان عنّا الاختلاف أبطلت لأنّهما یحتملان الوجوه، ولكن لی علیه مثل ذلك.

فقال له أبوعبدالله علیه السلام: «سله تجده ملیّاً».

فقال الشامی لهشام: من أنظر للخلق، ربّهم أم أنفسَهم؟

قال هشام: بل ربّهم أنظر لهم.

فقال الشامی: فهل أقام لهم من یجمع كلمتهم ویرفع إختلافهم ویبیّن لهم حقّهم من باطلهم؟

قال هشام: نعم.

قال الشامیّ: من هو؟

قال هشام: أمّا فی ابتداء الشریعة فرسول الله صلّی الله علیه واله

[صفحه 499]

وسلّم، وأمّا بعد النبیّ صلّی الله علیه وآله وسلّم فغیره.

قال الشامیّ: ومن هو غیر النبیّ القائم مقامه فی حجّته.

قال هشام: فی وقتنا هذا أم قبله؟

قال الشامی: بل فی وقتنا هذا.

فقال هشام: هذا الجالس ـ یعنی أبا عبدالله علیه السلام ـ الذی تشدّ إلیه الرّحال، ویخبرنا عن أخبار السماء وراثة عن أب عن جدّ.

قال الشامی: فكیف لی بعلم ذلك؟

قال هشام: سله عمّا بدا لك.

قال الشامی: قطعت عذری، فعلیّ السؤال..

فقال له أبو عبدالله علیه السلام: «أنا أكفیك المسالة یا شامی، اُخبرك عن مسیرك وسفرك، خرجت یوم كذا، وكان طریقك كذا، ومررت علی كذا، ومرّ بك كذا».

فاقبل الشامی كلّما وصف له شیئاً من أمره یقول: صدقت والله، ثم قال الشامی: أسلمت الساعة.

فقال له أبو عبدالله علیه السلام: «إنّك امنت بالله الساعة، إنّ الإسلام قبل الإیمان، وعلیه یتوارثون ویتناكحون، والإیمان علیه یثابون».

قال الشامی: صدقت، فانا الساعة أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله وأنّك وصیّ الأوصیاء.

قال: فاقبل أبو عبدالله علیه السلام علی حمران فقال: «یا حمران تجری الكلام علی الأثر فتصیب».

والتفت إلی هشام بن سالم فقال: «ترید الأثر ولا تعرف».

ثمّ التفت إلی الأحول فقال: «قیّاس روّاغ تكسر باطلاً بباطل، إلاّ أنّ باطلك أظهر».

[صفحه 500]

ثمّ التفت إلی قیس الماصر فقال: تتكلّم وأقرب ما تكون من الخبرعن الرسول صلّی الله علیه وآله وسلّم أبعد ما تكون منه، تمزج الحقّ بالباطل، وقلیل الحقّ یكفی عن كثیر الباطل، أنت والأحول قفّازان حاذقان».

قال یونس بن یعقوب: فظننت والله أنّه یقول لهشام قریباً مما قال لهما، فقال: «یا هشام لا تكاد تقع، تلوی رجلیك إِذا هممت بالأرض طرت، مثلك فلیكلّم الناس، اتق الزلّة والشفاعة من ورائك»[2] .

وهذا الخبر مع ما فیه من المعجز الدالّ علی إمامة أبی عبدالله علیه السلام یتضمّن إثبات حجة النظر ودلالة الإِمامة من طریق النظر والاستدلال.

[صفحه 501]



صفحه 496، 497، 498، 499، 500، 501.





    1. الخبب: ضرب من العدو. «الصحاح ـ خبب ـ 1: 117».
    2. الكافی 1: 130 و 4، وكذا فی: ارشاد المفید 2: 194، وباختصار فی المنافب لابن شهرآشوب 4: 243.